أنواع المحاكم

المحاكم العدلية

والجزائية والمتخصّصة

المحاكم التي تدخل ضمن التنظيم القضائي للدولة وتتولّى الفصل في المنازعات المتولّدة عن تطبيق فروع القانون الخاص هي أساسًا المحاكم العدلية. وبجوارها توجد بعض المحاكم المتخصصة تتولّى نظر نوعٍ معيّنٍ من المنازعات.

القسم الأول

المحاكم العدلية:

هي المحاكم المختصة أصلاً بنظر منازعات القانون الخاص والتي لا يوجد نص قانوني خاص يعطي الاختصاص بنظرها إلى محكمة أخرى. وهي تتألف وفقًا لقانون القضاء العدلي الجديد الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 150 بتاريخ 16-9-1983 وتعديلاته من محاكم على طبقات ثلاث: محاكم الدرجة الأولى، محاكم الاستئناف، محكمة التمييز.

أولاً: محاكم الدرجة الأولى

ليست محاكم الدرجة الأولى من صنف واحد، فهناك الغرفة الابتدائية والقسم.

1-  الغرفة  الابتدائية:

تشكيلها: تتشكّل الغرفة الابتدائية من قضاة ثلاث: رئيس وعضوين. الحكمة من تعدّد القضاة هنا، هي أن الغرفة تعدّ محكمة ذات اختصاص عام يعرّضها لنظر دعاوى ذات نوعية معيّنة أو قيمة كبيرة بحيث يحتاج تحقيقها والفصل فيها إلى مدارسة لا يقوى عليها القاضي المنفرد.

عددها ونطاق صلاحيتها الإقليمي: هناك قانون صادر بجعل في كل مركز محافظة غرفة واحدة كما هو الحال في محافظة النبطية. إلاّ أن العدد زاد عن ذلك في المحافظات الخمس الأخرى، ففي محافظة بيروت مثلاً عشر غرف، وفي محافظة لبنان الشمالي أربع غرف. فإذا كان في المركز الواحد غرفة واحدة كان نطاق اختصاصها إقليم المحافظة. وإذا وجدت عدة غرف في المركز الواحد كما هو الحال مثلاً في مدينة بيروت تم توزيع الاختصاص المكاني بينها بقرار من وزير العدل.

اختصاصها بوجه عام: تعدّ الغرفة الابتدائية المحكمة العادية ذات الاختصاص العام بنظر كافة المنازعات المدنية والتجارية التي تعرض على القضاء لأول مرة ما لم يرد نص خاص يجعل الاختصاص لمحكمة أخرى.

2-  القسم (القاضي المنفرد)

تشكيله: يتولّى القضاء في القسم قاضٍ منفرد، والحكمة من ذلك أنّ اختصاصه محصور بمسائل أقل أهمية من الغرفة الابتدائية والتي تعد المحكمة العادية.

عددها ونطاق صلاحيتها الإقليمي: كما هو الحال بالنسبة للغرف الابتدائية، فإنّ القانون هو الذي يحدّد الأقسام التابعة لكل محكمة من محاكم الدرجة الأولى ومراكزها ونطاق صلاحيتها الإقليمية. فيوجد بمحافظة بيروت خمس وخمسون قسمًا.

اختصاصه بوجه عام: يتولّى القاضي المنفرد اختصاصًا محصورًا يشمل بالإضافة إلى بعض الدعاوى التي حدّدها القانون بنوعها أي دعوى لا تزيد قيمتها عن عشرة ملايين ليرة. كما أنه يعدّ قاضيًا للتنفيذ وقاضيًا للأمور المستعجلة في دائرة اختصاصه الإقليمي.

ثانيًا: محاكم الدرجة الثانية (محاكم الاستئناف) 

تشكيلها: تشكّل محكمة الاستئناف من مستشارين ثلاثة رئيس وعضوان. وإذا كانت المحكمة مشكّلة من أكثر من غرفة فتكون كل غرفة مشكّلة على نفس النحو، وتشكيل محكمة الاستئناف من قضاة متعدّدين يَتّفق ووظيفتها كمحكمة يتظّلم أمامها من أحكام صادرة عن قضاة محكمة أول درجة وهذه الأخيرة قد تكون مشكّلة من قضاة ثلاثة (كما هو الحال بالنسبة للغرفة الابتدائية) فلا يُعقل أن يراقب عملها محكمة مشكّلة على نحو أقل.

عددها ونطاق صلاحيتها الإقليمي: كما هي القاعدة دائمًا في إنشاء المحاكم، تنشأ محاكم الاستئناف بمقتضى قانون. وقد أنشأ قانون القضاء العدلي مجكمة إستئناف واحدة في كل محافظة من محافظات لبنان الست (تتشكّل كل منها من عدة غرف)، ويتحدد نطاق صلاحيتها المكاني بمنطقة المحافظة.

اختصاصها بوجه عام: لا تختصّ محكمة الاستئناف كمبدأ عام بالدعاوى المرفوعة إلى المحاكم لأوّل مرة وإنما هي تنظر في الطعون المرفوعة عن الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى.

ثالثًا: محكمة التمييز

كان يُطلق على هذه المحكمة أحيانًا إسم محكمة النقض وهي التسمية المستعملة في كل من مصر وسوريا وليبيا بينما محكمة التمييز هو الإسم المستعمل في لبنان والأردن. كما يُطلق عليها إسم المحكمة العليا أو المجلس الأعلى في بعض الدول الخرى.

تشكيلها: تشكّل محكمة التمييز من عدة غرف تتألّف كل غرفة من رئيس ومستشارين اثنين. كما تنعقد المحكمة بهيئتها العامة متألّفةً من الرئيس الأول ورؤساء الغرف.

عددها وصلاحيتها الإقليمية: بخلاف محاكم الاستئناف أو محاكم الدرجة الأولى لا توجد سوى محكمة تمييز واحدة في الدولة تشمل صلاحيتها الإقليمية كل إقليم الدولة.

اختصاصها بوجه عام: هي درجة ثالثة من درجات التقاضي فهي محكمة تسهر على توحيد تطبيق القانون من محاكم الموضوع. ولذلك لا ترفع إليها الطعون المبنية على أسباب محدّدة يجمع بينها فكرة الخطأ في تطبيق القانون. ثم أنها تفصل في الموضوع مرة ثالثة إذا تبيّن لها نقض الحكم المطعون فيه.

القسم الثاني 

 المحاكم الجزائية العادية

وهي على ثلالث درجات:

أولاً: محاكم الدرجة الأولى (القاضٍي المنفرد):

ينظر في جميع قضايا الجنح والمخالفات عدا ما استثني منها بنص خاص. لا تُمثّل النيابة العامة أمامه. والقاضي المنفرد الجزائي ينظر في جميع الدعاوى مهما كانت قيمتها.

ثانيًا: محاكم الدرجة الثانية (محكمة الاستئناف الجزائية):

تتألف كل غرفة من غرفها من رئيس ومستشارين. يمثل النيابة العامة لديها نائب عام استئنافي أو أحد المحامين العامين لدى محكمة الاستئناف أو النائب العام المالي أو أحد المحامين العامين لدى النيابة العامة المالية.

ثالثًا: محاكم الدرجة الثالثة (محكمة التمييز الجزائية):  

تتألف كل غرفة فيها من رئيس ومستشارين.  يُمثّل النيابة العامة لديها النائب العام التمييزي أو أحد المحامين العامين لدى محكمة التمييز.

تتألف دائرة التحقيق في كل محافظة من قاضي تحقيق أول ومن قاضي تحقيق أو أكثر وفقًا لما يحدده قانون القضاء العدلي. وتتولى غرفة من غرف محاكم الاستئناف المدنية مهام الهيئة الاتهامية في كل محافظة.

يحدّد قانون القضاء العدلي الكيفية التي يتم فيها تعيين القضاة العدليين وعدد غرف محكمة التمييز في العاصمة وعدد غرف محكمة الاستئناف وعدد القضاة المنفردين وقضاة التحقيق والمحامين العامين في كل من العاصمة والمحافظات والأقضية.

إضافةً إلى ذلك هناك أيضًا دوائر التحقيق والنيابات العامة الاستئنافية، والنيابة العامة التمييزية ومحاكم الجنايات التي تحاكم على الجرائم التي يصفها قانون العقوبات "بالجناية". 

القسم الثالث

المحاكم المتخصصة

هي محاكم تدخل في ملاك القضاء العدلي كل ما هنالك أنها تتولّى النظر بوجه استثنائي في أنواع معينة من المنازعات بحسب القانون الخاص المنظّم لها كالمجلس العدلي والمحكمة العسكرية ومحكمة العمل أو كما يسميها قانون العمل بمجلس العمل التحكيمي، والذي يعتبر أفضل مثال على ذلك:

تشكيله وعدده: يتألف مجلس العمل التحكيمي من قاضٍ (رئيسًا)، ومن ممثل عن أرباب الأعمال وممثل عن العمّال. ويلاحظ على هذا التشكيل ليس فقط انتماؤه إلى نظامٍ تعدّد القضاة وإنما اشتماله على عنصر غير قضائي بل ويعدّ الأغلبية، وترجع الحكمة من ذلك إلى ما تتميّز به منازعات العمل (وهي محور اختصاص المجلس) من خصوصية تستدعي مشاركة عناصر خبيرة بالفصل فيها. فوجود أصحاب الخبرة وهما: ممثل عن العمال وآخر عن أصحاب الأعمال قريبين من القاضي صاحب القانون، يجعل القرار الصادر نتيجة الجهد المشترك بينهم باعثًا على ثقة أكبر في نفوس المتقاضين.

ويوجد في كل محافظة مجلس عمل تحكيمي أو أكثر.

اختصاصه: كان اختصاص مجلس العمل التحكيمي منذ نشأته محصورًا في النظر في الخلافات الناشئة بين أرباب العمل والعمال، عن تطبيق قانون العمل، ثم وسّع القانون من اختصاصه ليشمل جميع نزاعات العمل الفردية الناشئة عن علاقات العمل ولو لم تكن ناشئة عن تطبيق قانون العمل، كما يشمل جميع المنازعات التي قد يثيرها تطبيق قانون الضمان الاجتماعي. وكذلك ينظر في جميع الخلافات المتعلّقة بطوارئء العمل.