إنتخابات لبنان
خيارات لم تحسم بعد...
تعدّدت الآراء،
لكن هل سيكون الخيار،
"إنتخاب"؟
الكاتب: زينب طالب
"ما كنا ناوين ننتخب بس هلأ الوضع تغيّر"، "بحس
ضميري رح يأنبني إذا ما انتخبت"، "التفضيلي ليلي خدمنا"، "مننتخب
الي قدموا دم"، "يجي الي بدو يجي كلن متل بعض"، "ببيروت عم
يدفعو 500$ للصوت"، "صوتي للّي بيستحقوا"، "جماعتنا رح يخرقوا"،
"هيدي مش انتخابات عادية هيدا استفتاء شعبي الكل لازم ينتخب"،
"التفضيلي بعطيه للشخص الي عم يشتغل لمنطقتنا"، "الي جرب مجرب كان
عقلو مخرب"، "صوتي لحامي الطائفة"، "وعدونا كتير وقال عم
بحسوا فينا بكرا بدوب الثلج وببان المرج" الخ...
هذه
عينة من آراء أفادنا بها بعض المارة وركاب الحافلات خلال جولة ميدانية في منطقة
بيروت وضواحيها، في محاولة لتقصي المزاج الشعبي العام عشية الإنتخابات النيابية
اللبنانية 2018.
بعد
يومين سيقول المواطن اللبناني كلمته الفصل، سيجدد ثقته بنواب حاليين، وربما سيعطي
فرصة لبعض المرشحين الجدد، سيحاسب انطلاقًا من حقه الانتخابي، سيستبعد لوائح،
ويفضّل أسماء انطلاقًا من قناعة تامةٍ بأن هذه هي فرصته الوحيدة للتعبير بعد تسع
سنوات من غياب هذا الحق.
مهلاً،
هل يبدو لكم المشهد كذلك حقًا؟
إنّ
المتابع للشأن اللبناني الداخلي يدرك أن الإنتخابات الحالية فُرضت كمعركة ضروس
خصوصًا بعد التدخلات السعودية-الأميركية المباشرة فيها، والدعاية القوية لبعض
لوائح المستقلين والمجتمع المدني لاسيما بعد تجربة الإنتخابات البلدية والحراك
الشعبي. ولعل التحالفات الإنتخابية الهجينة في ظل قانون إنتخابي كان يُفترض به أن
يؤمن حقوق الأقليات، ولكن ما لبثت بعض القوى السياسية والحزبية أن خرجت من ثوبها
وثوابتها بغية تأمين مقعد إضافي لها هنا أو هناك، إضافة إلى وجود انقسام داخلي لدى
بعض الأحزاب ناتج عن تداعيات الصوت التفضيلي،
ما وضع بعض الأسماء والتحالفات الاستراتيجية على المحك، لتشخص العيون إلى
ما بعد 6 أيار وما قد تحمله الأيام المقبلة من مفاجئات.
ولعل
هذه التغيرات سيكون لها تأثيرها المباشر على خيارات الناخبين وخلفية قراراتهم.
فالمشهد يبدو أنه ذاهب باتجاه تموضع الناخبين تحت راية المنطقة، والنهج، والطائفة،
وتحديد الأحجام الحزبية، وانتصار مشروع وهزيمة آخر. وربما لو نجح المطالبون بإقرار
قانون الإنتخاب لمن هم في سن 18 لكانت تغيرت النتائج أكثر لصالح المجتمع المدني إذ
يبين أخصائيون إجتماعيون أن الشباب في سن المراهقة يميلون إلى التشبث بالرأي
والثورة والحلم بالتغيير ما يُفقد سيطرة الحزبيين عليهم.
إلى
حين الانتخاب يبقى للمواطن أن يتأمل في ما حققه المجلس الإنتخابي الحالي لاسيما
الأمن والإستقرار الذي يحتل رأس الهرم في سلم أولويات الإنسان بشكل عام. ولعل تمثيل بعض الأحزاب في المجلس النيابي أمن
لنا هذا الأمر بعيدًا عن المخاوف التي دفعت إلى إعلان بعبدا مع الرئيس السابق
ميشال سليمان ودعوته للنأي بالنفس وهي دعوة لم تكن لتحمي لبنان من الخطر التكفيري،
وبالتأكيد بعيدًا عن الخرزة الزرقاء التي لم يتمكن صاحبها رئيس الحكومة سعد الحريري
من تحقيق أمنه الشخصي فخاض تجربة الإعتقال المريرة في السعودية، فكيف لخرزته هذه
أن تحمي لبنان؟! والملاحظ أن المنطقة لم تهدأ منذ عام 2009 حتى اليوم، بدءاً من
الإنتخابات الرئاسية الإيرانية والتحركات الغاضبة التي قامت في البلاد بإيعاز غربي
وما لبثت أن فشلت، وصولاً إلى الربيع العربي الذي تبين أنه خريف لكل منطقة حلّ بها
ولم تكن آخرها الجارة السورية، في ظل المطامع الإسرائيلية والمساعي الصهيونية
لتهويد القدس وتوسيع الاستيطان، ناهيك عن تهديداته للبنان ومناوراته على حدوده،
وكذلك تبدل الحكم في الولايات المتحدة الأميركية من الديمقراطي إلى الجمهوري أي من
السيء إلى الأسوأ وتأثيراته على منطقتنا العربية وأمن بلادنا. ولكن لا بد من
الإشارة أيضاً أن جزءًا من الأمان هو
إبعاد شعور الغبن عن المواطنين عن طريق إهمال إنماء بعض المناطق أو عدم
إنصاف الأكفّاء في وظائف الدولة لحسابات حزبية ومناطقية وعشائرية ضيقة وبتعليل أن
"السيستيم هيك". ويأتي كذلك ضمن هرم الأولويات، الحفاظ على صحة
الإنسان وتأمين حاجاته لا إفقار المواطنين وفرض المزيد من الضرائب عليهم، وإن كانت
بعض البرامج الانتخابية قد لحظت هذه الحقوق فالأيام المقبلة كفيلة بتحديد حجم ثقة
الناخبين وصدق المرشحين، وإن غدًا لناظره قريب.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.