الحياة والموت متساويين
أطفالٌ يقتاتون الجوع
والخوف في يوميّاتهم
الكاتب: علي قازان
الحياة والموت متساويين،
صرخةٌ استفزّتني من أحد الأطفال، خلال تقديمي لإحدى النشرات الإخبارية، في تقريرٍ
غطّى أوضاع بلدتي الفوعا وكفريّا المحاصرتين منذ أكثر من عام...
هي صرخةٌ طفوليةٌ بريئة
تعبّر عن واقعِ الحال المرير الذي تعيشه البلدتان وأطفالُهما، ومثلهما بلداتٌ أخرى
"كدير الزور"، "نبّل"، "الزهراء"،
"مضايا" وغيرهن من بلداتٍ سواء في سوريا أوغيرها من البلدان التي تشهد
تلك المأساة اليومية...
أطفال سُرقت منهم أدنى
مقوّمات الحياة، لا بل حتى سُرِقت منهم أحلامُهم، إلى أن وصل الأمرُ بأحد
الأطفالِ يقول: "أنا لا أريد طعامًا أو لحمًا أو دجاجًا ولا أريد حتى
تفاحةً، أنا أريد وأحلم فقط بالماء".
ما ذنب هؤلاء الأطفال؟
وبأي ذنبٍ يـُقتلون وهم أحياء؟
طبعًا هم أطفالٌ لا ذنب
لهم سوى، أنهم وُجدوا في عصرٍ وفي زمنٍ أجبرهم على مواجهة الإرهاب الذي لا دين ولا
طائفة ولا انتماء له، بل هويّته تدميرُ البلادِ وتاريخِها، تمزيقُ شعوبِها وهدمُ
ثقافاتِها، شرذمةُ أطفالِها والقضاء على مستقبلها...
أطفالٌ يحاكوننا حقًّا
بعينِ الحسرةِ والألمِ ونظرةِ المعاناة والوجع من جهة، لكنّهم بنظرةِ اللومِ
والعتب يحاكون من جهةٍ أخرى السياساتِ التي لا تعرف إلا مصالحها، وفيها كلٌّ يحاول
الاستقواءَ وعرضَ عضلاته على الآخر، وتمريرَ أجنداته قبل الآخر، يكابر ويعاند
الآخر، فهذا يدعم الإرهاب والآخر يستفيد منه...!
صدّقوني لا مجال لحربٍ
بلا نهاية، والنهايةُ هنا ستكتبُ حتمًا لكن، على حساب دماءِ الأطفالِ ودموعِهم،
على حسابِ آهاتهم وجراحهم، آلامهم وخوفهم، جوعهم وعطشهم. أليست هذه أحوال أطفالِ
العروبةِ اليوم؟ ألن تثبت الأيام صحة هكذا نهاية كسابقاتها من نهاياتٍ مدموغةٍ
بمساوماتٍ وصفقات؟
وكأني بصوتِ الأطفال
يصدح:
"إسمعوا يا أهل
السياسة، لن نسمح لكم بالعزفِ على أوتارِ طفولتنا ووجعنا ومستقبلنا، خسِئتم أنتم
وساستكم وسياساتكم اللعينة، فنحن من سيحمي الطفولة ويضمّد الجراح ويصنع المستقبل،
ولستم أنتم يا من تتسابقون اليوم على حساب دمائنا، وستجلسون غدًا تضحكون وتوزّعون
القـُبلاتِ فيما بينكم على حساب طفولتنا. وإنّ غدا لناظره قريب.."
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.