الشیخ راغب حرب الموقف والسلاح لمواجهة الاحتلال کتاب جدید للدکتور نسیب محمد حطیط۔ لماذا هذا الکتاب؟ مریم شعیب
الشیخ راغب حرب
الموقف والسلاح لمواجهة الاحتلال
کتاب جدید للدکتور نسیب محمد حطیط
مریم شعیب
لیس غریبًا علی الدکتور نسیب حطیط الذي قطع شوطًا کبیرًا في العطاء في سبیل تنشٸة جیل واعٍ وحرٍ لا ینقاد إلا إلی ما یملیه علیه فکره وحسّه النقدي، وهو الذي من سماته عدم الارتهان باحد والاحتراس من الامتثالیة ورفض عقلیة القطیع في کل اشکالها۔ ان یفاجٸنا بین الحین والآخر بزخرٍ ادبيٍ راٸع یحکي حقیقة ما نعیشه وما یحیط بنا من واقع الیم بصوره الواضحة الناصعة، کما یتحفنا الیوم بنقل حقیقة ما جری في حقبة ذهبیة غفا الکثیرون عن ذکر تفاصیلها، وإن ذکروها فحسب بعناوینها العریضة۔
لافتًا إلی سبب اهتمامه بإصدار هکذا کتاب، من جهة انه: "وبعد مضي 35 عامًا علی الاجتياح الاسرائيلي وبعد مضي اكثر من17 عامًا على تحرير الجنوب اللبناني عام 2000 لم اجد في المكتبات أو مراكز الابحاث كتابًا يؤرخ ويوثق الاجتياح الإسرائيلي في لبنان عام 1983 وشخصياته المقاومة أو المحايدة أو المتعاملة واحداثه بالشكل الذي يحفظ تاريخ المقاومة والمقاومين من التأثيرات اللصوصية وخاصة رموزها وسياساتها الأساسية التي بادرت منذ اللحظة الأولى لمقاومة العدو واستنهاض الجمهور العام في القرى والحسینيات والمساجد والمظاهرات والاعتصامات والعمل الميداني العسكري من قلب الجنوب، وتحت الاحتلال وليس عن بعد، للقيام بواجبها الديني وتحليلها الشرعي والوطني والاخلاقي"۔
خاصة وأن معظم هؤلاء المقاومين والقادة قد غاب معظمهم، إما أن استشهدوا أو توفاهم الله أو هاجروا أو أقعدهم المرض ومنهم من تقدّم بهم العمر حتى يصعب استقراء الحقيقة۔
إنها "الحقبه الذهبية في تاريخ المقاومة"، کما احسَنَ تسمیتها، بمميزاتها على مستوى النتائج والتعبئة وانعدام الحسابات والعصبيات بين الأحزاب وبين الجمهور العام والانتصار في دائرة فقه وثقافة المقاومة وتناسي كل المعارك والخصومة التي سبقت الاحتلال الإسرائيلي۔
حيث يمكن وصف هذه المرحلة بمرحلة (المجتمع المقاوم). إذ لم سبق أحد إلا وقد شارك في المقاومة وفق امكانياته وموقعه (النساء، الأطفال، الشيوخ، الشباب، الصبايا، العسكري، المدني.... إلا بعض العملاء اوالخائفين أو الانتهازيين واصحاب المصالح الذين ينطبق عليهم قول الإمام الحسين (ع) {الناس عبيد الدنيا والذين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون}۔
ومن جهة أخرى علاقته بشيخ الشهداء راغب حرب وواجبه الأخوي والرسالي في تأريخ وتوثيق جهاده كنموذج رسالي في مقتبل الشباب من ناحية العمر الحكيم والعاقل لجهة الفعل ولكي تتعرف الأجيال على تجربته القصيرة حيث لم يتجاوز الثانية والثلاثين عامًا عند استشهاده. والتي استطاع بصدقه وإخلاصه أن ينجز خلالها الكثير مع الصعوبات التي تحيط به، ليؤكد أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل لنشر دين الله ليس صعبًا أو مستحيلاً ويمكن للفرد أن يتحول إلى جماعة ويمكن أن يكون الفرد امّة۔
ولا حجة لأحد بالتقاعس وقلة الحيلة أو عدم القدرة على الإصلاح والتغيير بل على المحاولة والفعل (وما كان لله ينمو)۔
فقد جاء الكتاب وفاء وهدية لشيخ المقاومين ولكل الشهداء المقاومين لسد ثغرة في جدار تاريخ المقاومة التي لم يبادر كثير من المعنيين لتوثيقها وحفظ الذاكرة وتأكيد الانتماء وحفظ التضحيات ومنعًا لتزوير التاريخ كما سبق مع مقاومين سابقين وفي طلیعتهم التزوير الأموي لواقعة كربلاء، وكل الثورات التي اعقبتها۔
ويقدم الكتاب المعلومات التي استطاع الكاتب الوصول إليها شخصیًا، او باح البعض بما يسمح فيه الوضع الأمني أو بعض الخصوصيات أو بما لا يهدد وحدة الصف والجماعة ولا ينكأ الجراح ولا يفتح أي نافذة لرياح التقاذف والتشتت أو الاتهام۔
محتملاً ان يعترض عليه البعض أو ينقده أو لا يقبل ما ورد فيه نتيجة معلومات يملكها، تتناقض وتتعارض مع ما كتبته أو نتيجة تعصّب أو هوى لا يقبل أن ينزع منه ما يدعيه أو لا يحب لمنافسيه أن يكون لهم شرف المقاومة، مبدیًا تقبله لاعتراض البعض بما يملك من دليل على خطأ بعض ما أورده واستعداده لتصحيح ما ثبت خطأه في طبعات الكتاب القادمة أو في منابر توضح الحقيقة"۔
مشيرًا إلى أن تسليط الضوء على شخصية أو فرد لا يلغي دور بقية المقاومين أفرادًا وقادةً واحزابًا وأهالي. بل لا بد من الإضاءة على حقبة زمنية مجيدة ومشرّفة من تاريخنا، تركت بصماتها على مستقبل المنطقة وشكلت منعطفًا رئيسيًا على مستقبل العدو الإسرائيلي وكيانه الغاصب۔
إذ يقول أحد مؤسسي الكيان الإسرائيلي بن غوريون: "لو كنت زعيمًا عربيًا لن أوقع اتفاقًا مع اسرائيل أبدا، إنه أمر طبيعي، لقد أخذنا بلدهم، صحيح أن الله وعدنا به، ولكن بماذا يمكن أن يهمهم ذلك. ربنا ليس ربهم، كانت هناك معاداة للسامية والنازيون وهتلر وأوشفيتز، ولكن في ماذا يمكن ان يعنيهم ذلك؟ هم لا يرون إلا شيئًا واحدًا فقط، هو أننا جئنا وأخذنا بلدهم. فلماذا يقبلون هذا الأمر؟ لا معنى لإسرائيل من غير القدس. ولا معنى للقدس من غير الهيكل. ومع ذلك يوقعون صفقة القرن"۔
مستهلاً كتابه بالتعريف بالشيخ الشهيد وأهم الجوانب في شخصيته الدينية والانسانية. ونشأته وحياته ونشاطه الاجتماعي والإنساني ودوره الميداني في المقاومة ودور العلماء في جبل عامل منتقلا إلى الاجتياح الإسرائيلي مبينًا ما إذا كان تخطيطًا أم ردة فعل۔
متطرقًا لبعض محطات من حياته وبعض الشهادات على ألسن من عايشوه. واصفًا الاعتصامات والانتفاضات الشعبية التي نظمها وشارك فيها وحادثة اعتقاله واعتصامات الشعب ما بعد الاعتقال وكيف تحوّل الاعتصام إلى قضية وطنية أيدتها الشخصيات الرسمية۔
منتقلاً إلى مجريات التحقيق من الإسرائيليين مع الشيخ كما رواها بنفسه وعما شاهده في المعتقل من خلال حديث صحافي في جريدة السفير العام 1983. وبعدها الاغتيال الصادم في شباط من العام 1984. واصفًا استشهاده ودموع الأهالي المختلطة بأمطار شباط الغزيرة وكأن الدنيا تشاركهم الحزن على الشيخ الشهيد۔
مٶکدًا علی ان الأساس في العطاء والثناء والفخر یبقی للشهداء، للجرحى، للمفقودين، وللمقاومين الذين ما زالوا يرابطون على الثغور بمواجهة الصهاينة أو الغزاة التكفيريين ولأهاليهم الذين كانوا الحضن الأول والدرس الأول في المقاومة۔
مخاطبًا المتقاعسين المعارضين لمشروع المقاومة بالخطاب القرآني:۔
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)۔
لا يوجد أي تعليق، كن الأول و ضع تعليقك الان.
مكتبة الصور
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.