العيد
الهزيل
الكاتب:
حنان رحيمي
سؤال
يطرح نفسه بقوة في موسم الأعياد:
هل
ما زال المواطن اللبناني قادراً على الاحتفال بالعيد.. وبكل طقوسه التقليدية؟!...
عيد
بعد عيد، نشعر بأنه أصبح هزيلاً بالفرح... وبالأشياء التي تُعد لاستقباله، وكأن
عدوى الزمن المتعب قد أصابته... أصبحت طقوسه شاحبة تحت ضغط الهموم ومتطلبات
الحياة...
فمن
أراد الاحتفال بالأعياد من ذوي الدخل المحدود أو من الذين "لا مدخول
لهم" بسبب البطالة التي تحتل حياة نصف الشعب اللبناني، عليه أن يتحمّل عدة
أشهر يرزح خلالها تحت الديون.
قبل
العيد بأيام، تصاب الأسواق بهستيريا ارتفاع الأسعار، وكأن المواطن لا تكفيه
معاناته مع راتبه التعيس الذي يتبدّد قبل ملامسة جيوبه... فالأسعار تتضاعف
كل سنة والراتب في حالة "وقف النمو" !..
من
يقوم بجولة على المحال التجارية من ملابس ومواد غذائية وخضار وفاكهة
وحلويات...يصاب بالدهشة والحزن معاً... فالأسعار تحلّق مع اقتراب الأعياد. التجار،
الكبار والصغار، في سباق للاستفادة من المناسبة دون رقيب أو حسيب... والناس مجبرة
على الشراء وظروف الاستغلال ملائمة!...
من
عادات العيد تبادل الهدايا التي تضفي جواً من البهجة والفرح للعائلة، لكن ارتفاع
أسعار الهدايا يجعل حلمهم بالفرح بعيد المنال. فمن يستطيع شراء الهدايا للزوجة
والأولاد، من أصحاب الدخل المحدود؟ لعلّه إذا أراد ذلك ليعبّرَ عن حبه
واهتمامه بها، فإنه سيضطر إلى التوقف عن شراء أشياء كثيرة من الحاجيات الضرورية
للعائلة... وإذا أراد أن يشتري لنفسه قطعة من لباس فإنه سيعود بعد جولته في السوق
قائلاً في نفسه مبرراً عدم قدرته على الشراء: "إن بنطالي الذي أحافظ عليه منذ
سنوات وأخبئه للمناسبات يساوي بموديله ومتانة قماشته عدة بناطلين من التي في
السوق"...
الخضار
والفاكهةالتي تتصدّر الواجهات في غير مواسمها بأحجام كبيرة وأشكال هندسية مزينة
بأسعار خيالية، أصبحت حِكراً على من بطونهم وجيوبهم محظوظة، يشترون ويدفعون سيّان
عندهم ارتفعت الأسعار أم طارت، بينما الباقين ممن أثقِلَت على كاهلهم أعباء الحياة
يكفي أن يتفرّجوا على خيرات الطبيعة ويمضون في طريقهم.
الأعياد
عندهم شقاء، والاقتراب منها ترَف سيسقطهم في شرِّ أعمالهم... فالعيد أصبح للأغنياء
فقط، والفقير عليه النظر، والحسرة، والأمل بتغيرّ الأحوال في الأعياد القادمة!...
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.