"عيون إن حكت"
ماريا
نصر الله: الفنانة العشرينية
دقة إبداعيّة في رسم البورتريه
حوار: حنان حمّود
رغم اعتبار فن
البورتريه أحد أنواع الرسم التي ينظر إليها الفنّانون على أنها معقّدة، لاعتمادها
على تقديم الشخصية عبر ملامح الوجه، فقد أبدعت ماريا في رسم البورتريه للوجوه
البشرية، وهي تمتلك مهارة كبيرة جداً في رسم أدقّ تفاصيل الوجه، وإبراز الجانب
الجمالي منه بطريقة رسم فريدة حقاً. تميّزت أعمالها بأنها نابضة بالحياة، وذلك
بفضل دقتها الكبيرة في تكوين جميع أجزاء وتفاصيل اللوحة، إضافة إلى التدرج اللوني
الجميل، والذي أعطى للشخصية داخلها بعداً جديداً، جعلها أقرب إلى الواقع.
فنانة تشكيلية، نالت
شهادة "الماستر في الفنون التشكيلية" من معهد الفنون الجميلة في الجامعة
اللبنانية. بدأت مشوارها واضعةً قدميها على بداية الطريق الصحيح المؤدي للنجاح،
وأوصلتها له موهبتها ودقتها في رسم تفاصيل الأشياء. تجيد عزف الكمان، وتتقن اللغة
العبرية. عملت على تعليم فن الرسم في ثلاث دورات تدريبية لجمعية إبداع عام 2014،
وفي كشافة الإمام المهدي (ع) عام 2015.
سلّطنا الضوء
في الحوار معها على تجربتها في التشكيل مناقشين أبرز القضايا المتعلقة برسم
البورتريه فضلاً عن المبادئ والأسس التي يستخدمها الرسّامون في هذا النوع من الفن
التشكيلي، وإلى نص الحوار:
كيف كانت
البداية في الرسم، وما الألوان والأدوات التي تستخدميها؟
كانت البداية منذ
المرحلة المتوسطة من الدراسة، حيث كنت منذ الصغر أحب الرسم وأبدع فيه، ما دفعني للتوجّه
إلى معهد الفنون.
أرسم بألوان الزيت
وأقلام الرصاص، والفحم، والأدوات هي شيء أساسي في رسم البورتريه، فكلما تمكّن
الفنان من أدواته ووظفها التوظيف المناسب انعكس ذلك على جودة العمل الفني وقيمته.
كيف تنظرين
إلى فن رسم البورتريه؟ ولماذا اتجهتِ لهذا المجال؟
البورتريه هو رسم
الأشخاص، سواء الوجه أو كامل الجسد وما حول ذلك من خلفية أو تأثيرات. ويشمل
الإنسان والحيوان أيضا، وهو فن تاريخي قديم يعود تاريخه إلى عصور قديمهة جدًا (ما
قبل التاريخ) فقد رسم البشر قبل أن يكتبوا وذلك نقشا على جدران الكهوف وجذوع الأشجار.
اخترت الوجوه
بالتحديد لتكون موضوع معرضي الأول، لأنها تلمس المتلقي مباشرة من دون لف ودوران في
حال دخلت في مدارس فنية أخرى لا يعيها مجتمعنا، كونه بعيد جداً عن الثقافة الفنية
التشكيلية تحديداً. وفن البورتريه قريب من جميع فئات المجتمع وليس حكراً على
الفنانين أو النقّاد أو الشارين. قي لبنان نفتقر للهوية الفنية، بخلاف مصر والعراق
مثلاً..
من جهة أخرى كان لدي
دافع داخلي لرسم وتخليد صور بعض الشخصيات المهمّشة من قبلنا والتي تركت أثراً
كبيرًا في العالم على مختلف الصعد. فهناك موسيقيين عربيين أصبحوا عالميين، ولم
يسمع بهم المواطن اللبناني، ربما لانشغاله بالفن الهابط الذي يكتسح الساحات.
يلاحظ من
خلال متابعتنا للحركة الفنية قلة توجّه الفنانين اللبنانيين إلى هذا النوع من
الرسم؟ ما السبب في رأيك؟
قد يعود
السبب إلى ابتعاد الفنانين في الوقت الحالي عن المدرسة الواقعية التي تعتمد على
الحقيقة فقط دون إضافة أي شيء من الخيال واتجاههم إلى مدارس أخرى من الرسم كالفن
الحديث الذي يتميز بالابتكار وإدخال خامات أخرى إلى اللوحات كالمعادن والخشب
والسيراميك، وفي النهاية الرسم موهبة، وهي من يحرّك الفنان أو يحدّد اتجاهه، فقد
أكون موهوبة في الرسم التجريدي ولا أتقن الرسم الواقعي، ولعل السبب يتعلق بما
تفرضه هذه المدرسة من قيود صارمة لابد للفنان أن يلتزم بها خصوصًا في رسم
البورتريه، فلا بد أن يكون الرسم قريبًا من الواقع، وإلا أصبح وكأنه رسم
كاريكاتوري أو تعبيري بعيدًا عنه.
هل تعني
بالإتقان مطابقة اللوحة للصورة الواقعية في رسم البورتريه؟
لا يعني الإتقان أن
يكون الرسم مطابقًا للواقع، فذلك مستحيل، ولكن كلّما كان الرسم قريبًا من الواقع
كان ذا قيمة فنية أعلى، وفي رسم الوجوه يجب التركيز على عناصر تحديد الشبه في
الوجه وأهمها الفم أولا ثم العينين ثم الأنف. وأي خلل في رسم أحد هذه الأعضاء
سينعكس على كامل البورتريه وتعاني منه كامل اللوحة.
هلا
حدثتِنا عن بعض إنجازاتك في هذا المجال ونشاطاتك في الفترة الحالية؟
شاركت في التبادل
الثقافي بين دول البحر المتوسطECUME- 2009 ، وفي معرضين جماعييين في
الجامعة اللبنانية 2010و2013، معرض البورتريه في قصر الثقافة الإسماعيلية في مصر
مجموعة 6*6-2012، صالون الخريف الأول
والثاني والثالث في أميركا اللاتينية/البرازيل 2013/2014/2015، معرض خاص بخطورة
المخدرات/الجامعة اللبنانية 2013، معرض
التبادل الثقافي اللبناني الروسي / الجامعة اللبنانية 2013، معرض جماعي/قصر
الأونسيكو 2013، كما شاركت في الرسم على 3 جسور في بئر العبد والكوكودي وحارة حريك
وحائط في بلدية الغبيري عن آثار إدمان المخدرات، وحائط في البسطة التحتا (جدارية
عن التعايش الإسلامي المسيحي).
وأخيرًا معرض فردي /
قصر الأونيسكو 2014، افتتحه رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين.
وتألف من ٤٣ لوحة زيتية تداخلت معها مواد أخرى مثل الباستيل والقماش، كانت عبارة
عن وجوه (بورتريهات) لشخصيات عربية وعالمية، فنية وأدبية وثورية. فكرة المعرض بدأت
كمشروع للتخرج لشهادة الماستر من الجامعة اللبنانية، مع بعض اللوحات التي أضيفت
لاحقًا ليصبح جاهزاً للعرض. كان الحضور حاشدًا والآراء إيجابية بمجملها، خاصّة
أساتذة معهد الفنون. إمتازت اللوحات بكِبَر حجمها، رغم تفضيل البعض للحجم الصغير
منها، فكان ذلك تحدٍّ ذاتيّ، كوني كنت في طور تأسيس هويتي الفنية. فكانت التجربة
إيجابية.
من أين
استمدّيت تسمية معرِضك؟
"عيون إن حكت" التسمية نبعت من محور
التركيز في الأعمال على نظرات الشخصيات من ممثلين وثوريين وأدباء وشعراء ورسامين
ومغنّين وعلماء دين، لكلٍ منهم نظرة تميّزه عن غيره. عملت على إبراز مكنونات كل
شخصية من خلال نظرتها، فكان منهم الحالم والمتحدّي والمصرّ والغاضب والمترقب
والواثق.
لو أردنا
اختصار كل لوحة بجملتين ماذا عسانا نقول؟
ثلاثي
جبران (200 × 120)
هم ثلاثة إخوة
فلسطينيين من الناصرة سمير، وسام وعدنان جبران، عازفي عود، جالوا العالم بموسيقاهم
التي تجمع بين إحساس العود العربي وموسيقى الجاز، فلاقوا نجاحًا باهرًا. اللوحة
كانت تقديرًا لإبداعهم، أهدِيَت لهم بعد المعرِض.
بورتريه
محمود درويش جسّد جزءًا من قصيدة "جداريّة"(90×80)
... وهذا الاسمُ لي
ولأصدقائي، أينما
كانوا، ولي
جَسَدي المُؤَقَّتُ،
حاضراً أم غائباً
مِتْرانِ من هذا
التراب سيكفيان الآن
لي مِتْرٌ و75
سنتمتراً
والباقي لِزَهْرٍ
فَوْضَويّ اللون
"انتظروني حتى اكبر.. "
(150×100)
تسلِّط الضوء على
الأطفال المهمّشين عامّةً، والذين يعانون من الفقر، الجوع أو العمل في سنٍّ
مبكّرة، والطفل العربي خاصةً الذي يعيش الحرب في يوميّاته.
"زأرة زيادية" (200×170)
بورتريه لزياد
الرحباني، أكبر اللوحات التي عرِضت، فيها مزاجيّة زياد وانتقاده المضحك المبكي من
خلال نظرته وجزء من اغنية له:
شو هالإيام اللي
وصلنالا
قال إنو غني
عم يعطي فقير،
كنو المصاري
قشطت لحالا
عهيدا نتفة وهيدا
كتير.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.