
واقع أمراض القلب والشرايين
ثورات متتالية منذ فترة لا تزيد عن نصف قرن
في علاج أمراض القلب والشرايين بالطرق التدخلية
الكاتب: د. طلال حمّود،
أخصائي في أمراض القلب والشرايين
في آخر التطورات
العلمية في علاج أمراض القلب والشرايين لا نبالغ كثيرا إذا ما قلنا إن أطباء القلب
والشرايين أطلقوا منذ فترة 25 سنة أو أكثر
حرب النجوم داخل الشرايين، وأصبحوا يستعملون منذ تلك الفترة أسلحتهم الذكية المتنوعة
والمبدعة في علاج أنواعٍ متعددة من أمراض القلب والشرايين. هذه المقالة تحاول
تسليط الضوء على المراحل المتعددة التي مرّ بها تطوير علاج أمراض القلب والشرايين
بالطرق التدخلية، أي بواسطة تقنيات القسطرة أو التمييل كما هو معروف في لبنان،
والتي من الممكن من خلالها أن نقول بأن أطباء القلب قاموا بعدة ثورات حتى وصلوا
منذ سنة تقربيًا إلى مرحلة الثورة الرابعة التي سوف نتكلم عنها بالتفصيل لاحقًا.
مع
بداية القرن الجديد لا تزال أمراض القلب والشرايين تحتل مركز الصدارة من أسباب
الوفيّات في معظم الدول المتقدمة وفي الدول النامية أيضا ومنها لبنان بحيث تشير بعض الإحصائيات القليلة المتوفرة في
لبنان، إلى أنه سنوياً حوالي 4000 شخصأ يتعرّضون لذبحاتٍ قلبية، وأن 4000 شخصاً
آخرين يتوفون بشكل مفاجئ دون أي مؤشراتٍ سابقة، وأنّ حوالي 25000 شخصأ يخضعون
لعملياتِ تمييلٍ لشرايين القلب، وحوالي 3500 شخصاً يخضعون لعمليات قلبٍ مفتوح، كما
أنّ حوالي 12000 شخصاً يخضعون لعمليات توسيع للشرايين بالبالون والروسور يتم
خلالها استعمال 8000 إلى 9000 روسور ذكي أو متطور.
كل
هذه المعطيات تشير إلى أهمية تثقيف القارئ حول هذا الموضوع الذي تتسارع فيه
الإنجازات بخطى متلاحقة منذ خمسينيات القرن الماضي.
أسباب
أمراض القلب:
إن
أسباب هذه الأمراض معروفة، يأتي في مقدمتها التدخين الذي يعتبر السبب الأساسي لها،
يليه مرض ارتفاع الضغط الشرياني، وارتفاع مستوى الدهنيات في الدم، والإصابة بمرض
السكري والسمنة وقلة الحركة وعوامل أخرى مختلفة تؤدي جميعها إلى نشوء ترسبات تدريجية
من الدهنيات والألياف والمواد الكلسية والخلايا
والمواد الأخرى داخل الشرايين، ما يسبّب في تكوّن تضيّقات مختلفة داخل هذه
الأوعية ويمنع تغذية عضلة القلب بشكل طبيعي، وبالتالي الإصابة بعوارض مختلفة
تتراوح بين الآلام الصدرية المستقرة ( بشكل ألم أو خناق في أعلى القفص الصدري) إلى
النوبة القلبية الحادة التي تنتج عن انسدادٍ كليٍّ في إحدى شرايين القلب التاجية،
والتي من الممكن أن تؤدي إلى الموت المفاجئ في بعض الأحيان.
إنجازات
الباحثين:
منذ
بداية خمسينات القرن الماضي لم يتوقف أخصائيو أمراض القلب والشرايين من تحقيق
الإنجازات المتتالية في مراقبة وعلاج مرضاهم، وكان الإنجاز الأول عبر تشييد غرف
العناية الفائقة التي خفّفت بشكلٍ كبيرٍ حالات الوفاة عند المرضى المصابين فجأةً
بالذبحة القلبية والتي غالبًا ما تؤدي لوفاةٍ مفاجئة لهم، في منازلهم أو في
أسرّتهم داخل المستشفى، بسبب اضطراباتٍ خطيرةٍ بضرباتِ القلب خلال الساعات الأولى
من الإصابة، وقد أمكن من خلال هذه الوحدات مراقبة هؤلاء المرضى في هذه الفترات
العصيبة وعلاجهم بواسطة الصدمات الكهربائية.
وتكررت
بعد ذلك إنجازات الباحثين اللذين طوّروا بشكلٍ رائع أدوية كثيرة وفعالة منها:
مضادات التخثر، ومن أهمها الأسبرين، وأدوية مسيّلة قوية لعبت دوراً مهماً في تخفيف
حدّة إصابة عضلة القلب عن طريق فتح الشرايين المسدودة خلال الساعات الأولى من
الإصابة، وإعادة الدورة الدموية الكاملة إلى جميع أنحاء هذه العضلة، ما قلّل أيضاً
بشكل كبير نسبة الوفيات عند المصابين بهذه النوبات. وقد أجري على هذه الأدوية
وغيرها من الأدوية الجديدة تجارب عديدة شملت آلاف المرضى سمحت بتقدم هائل في مختلف
العلاجات الدوائية، والمتوفّرة اليوم لمرضى القلب في لبنان بمعظمها، وفي نفس الوقت
الذي يبدأ فيه استعمالها في الدول المتقدمة.
القسطرة أو
التمييل:
من
ناحية ثانية, فقد بدأت عمليات القسطرة أو تمييل شرايين القلب في أواخر خمسينيات
القرن الماضي أيضا وكانت في البداية تتم عبر شق صغير(Cut-down) في منطقة المرفق من أجل الوصول إلى
الشريان الموجود في هذه المنطقة (Brachial artery)، لكن تطور التقنية وإجرائها كما تتم
حالياً من منطقة الفخذ لم يتطور إلا في أواسط الستينيات بعد أن طوَر أحد الأطباء
السويديون Seven
Seldinger هذه
التقنية وتم استعمالها من بعد ذلك على نطاق واسع من قبل أطباء مشهورين في ذلك
الوقت، أهمهم: Kurt Amplatz و Melvin Judking. لاحقاً طور أطباء آخرون، في مقدمتهم
الطبيب الكندي Ferdinand Kiemenij أساليب أخرى للتمييل من خلال شريان
المعصم (Radial artery)، والتي أصبحت تستعمل من قبل أطباء كثيرين منذ سنة 1992، وهي تسمح
بأن يقوم المريض مباشرةً بعد التمييل لمعاودة نشاطه في ذات اليوم بعد العملية دون
الحاجة إلى التمدّد لفترة 6 إلى 8 ساعات بعد العملية.
التوسيع
بالبالون:
مع
تطوير تقنيات التوسيع بالبالون سنة 1977 لاحظ أطباء القلب أن المعضلة الأساسية
التي تواجههم لدى إجرائهم عمليات توسيع الشرايين هي معاودة انسدادها في المكان
الذي تم فيه التوسيع في فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر بعد العملية، ما يعرف
طبياً بالـ Restenosis))، لذا قاموا باستعمال أساليب متعددة لمحاربة هذه الظاهرة وقد
اعتبر اكتشاف الروسور( (stentسنة
1986 تطورًا هائلًا في مجال علاج أمراض القلب والشرايين واعتبر اكتشاف وتطوير
الروسورات فيما بعد، بمثابة نجاح كبير في المعركة الدائرة بين أطباء القلب وعدوهم اللدود المتمثل في
معاودة انسداد الشرايين التاجية للقلب. وهذا ما سنتحدّث عنه لاحقًا عبر الثورات
الأربع:
1.
تطور علاج أمراض
القلب والشرايين بالبالون (angioplasty
Balloon).
2.
اكتشاف الروسور (Stent) كان من أهم الوسائل التي ساعدت في منع معاودة انسداد الشرايين.
3.
تطوير الروسورات
الذكية او المعالجة بواسطة الادوية (Drug eluting (stent or Coated stent.
4.
علاج امراض القلب
بالطرق التدخلية كان اهمها الروسورات البيولوجية او المتأكلة حيويا,الروسورات التي
تفتح بقدرتها الذاتية وغيرها من الروسورات المتخصصة, البالونات الذكية, عمليات تغيير الصمام الأبهر
بواسطة التمييل وأخيرا في مجال القلب الاصطناعي.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.