تفاوت
دور الأم بين أنواع الأمومة
حمل،
إنجاب، تربية، رعاية
أين
يتركّز الدور الحقيقي للأم
تحقيق: مريم شعيب
لما كانت الأمومة غريزة قوية
وأساسية في حياة المرأة تلازمها من صغرها، حين تمارس دور الأمومة على لعبتها، يكون
عدم الإنجاب أمرًا قاسيًا عليها يشعرها بحرمانها من أهم خصائصها كامرأة، إذ غالبًا
ما تضطرب نفسيًا وجسديًا فتلجأ لفكرة التبني سواء الكلي بتربية الطفل داخل بيتها
أو الجزئي كتكفل يتيمٍ عبر مراكز العناية بالأيتام، بأن تتردد عليه من وقتٍ لآخر
تعطيه عطفًا وحنانًا وتأخذ منه شعورها بالأمومة التي هي من أقوى غرائز المرأة التي
تفيض بأرقى المشاعر الإنسانية اللامتناهية.
وتجد
المرأة في الأمومة فرصة رائعة للبرهان على الشعور بالخلود بصورة مباشرة. فالوظيفة
الأنثوية في التكاثر ليست مجرد فعل فردي، وجسد أو فكر، ويحدث على المستوى
البيولوجي، فعلى العكس تمامًأ، فإن مثل هذه الأحداث البيولوجية تعتبر كمظاهر فردية
للتذبذب الشامل الذي يحمل الإنسانية من القطب المبدع إلى القطب المدمر، وفي الطقوس
الدينية، وفي الفكر الفلسفي الأكثر تطورًا، وبالإمكان دراسته وبصورة مباشرة
وإفرادية من خلال مهمات تناسلية للمرأة. ومن ناحية أخرى، فالأمومة بصفتها تجربة
فردية، لا تمثل فقط طورًا بيولوجيًا، إنما أيضًا كنهًا نفسيًا تتلخّص فيه تجارب
فردية عدة، وذكريات، ورغبات، ومخاوف سبقت التجربة الواقعية بكثير من السنوات.
وأثبت
العلماء من خلال دراساتٍ أجريت أنّ مكالمة هاتفية مع الوالده والأم تزيل عنك الضغط
والجهد النفسي والتوتر وتجلب لك الشعور بالرضى والراحة. وأكّدوا أن تأثير التكلم
مع الوالدة له نفس تأثير عناق الأم لطفلها، لأن صوت الأم يساعد على إفراز وتنشيط
هرمون الشعور بالراحة والرخاء (الأوكسيتوسين oxytozin) الذي بدوره يقلّل من مستوى
الإجهاد والضغط النفسي. ما يؤكّد قوة تأثير "الأم" في نفس الولد.
عرفتها اللغة بأنها:
أصل الشىء، وهي الوالدة، والأصل يتبعه فروع له. والأمومة نظامٌ تعلو فيه مكانة
الأم على مكانة الأب.
وفي الاصطلاح جاء تعريف الأمومة بأنها:
علاقة بيولوجية ونفسية بين امرأةٍ
ومن تنجبهم وترعاهم من الأبناء والبنات. فتتجلّى العلاقة البيولوجية في الحمل
والولادة والرضاعة، وتتوافر العلاقة النفسية في الحب والرعاية والتربية.
وبناءً عليه تتوافر أنواع
ثلاثة من الأمومة :
الأمومة الكاملة (بيولوجية ونفسية):
وهي الأم التي حملت وولدت
وأرضعت ورعت الطفل حتى كبُر، وهي أقوى أنواع الأمومة .
الأمومة البيولوجية:
هي حالة الأم التي حملت
وولدت فقط، ثم أبعدتها الظروف عن ابنها لأي سبب من الأسباب، فهي أمومة قوية وعميقة
لدى الأم فقط. ولكنّها ليست كذلك لدى (الإبن أو البنت)، لأن الأبناء يعيشون
الأمومة النفسية، ولا يشهدون الأمومة البيولوجية إذا كان ابتعاد الأم كليًا لا
يخوّلها رؤيتهم أو التواصل معهم. ولذلك اهتم القرآن بالتوصية بالأم والتذكير
بالأمومة البيولوجية التي لم يدركها الأبناء. قال تعالى: "ووصينا الإنسان
بوالديه، حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين" (لقمان 31)
الأمومة النفسية:
وهي الأم التي لم تحمل ولم تلد ولكنها تبنّت الطفل بعد
فراقه عن أمه البيولوجية فرعته حتى كبر. وهذه الأمومة يعيها الطفل، لأنه أدركها
ووعايشها واستمتع بها.
فهي راعية، تشمل الحب
والحنان والعطف والود والرعاية والحماية والملاحظة والمداعبة والتدليل. وناقدة،
تشمل النقد، التوجيه والتعديل، الأمر والنهي، السيطرة والقسوة أحياناً. فيتوافر
التوازن الطبيعي بين قسمي الأمومة أي بين العطاء والرعاية، والحب والحنان من
ناحية، والنقد والتوجيه والعقاب أحياناً.
وبالنظر إلى الحياة الإنسانية
نجد أن أهمية تربية الإنسان تتجاوز في حجمها أهمية جميع الجوانب الأخرى. والتربية هي
نقل الأفكار الإيجابية في المجتمع إلى الطفل وغرس القيم السامية فيه. ويتعين على الأم
أن تدرك أن رعاية الأطفال لا تعني التواجد بينهم والجلوس معهم فقط، وإلا تحول دورها
إلى مجرد جليسة للأطفال. وأن دور المرأة كأم هو نشاط مهم يستمر مدى الحياة.
اختلفت التوّجهات
حول ذلك، فاستنتجنا التالي من جملة استطلاعنا لآراء البعض:
فرأى حسن سويدان: بأنّ الأم هي التي تنجب والله
أوصى بها تحملنا في أحشائها تسعة
أشهر وتعاني آلام الولادة
ومخاطرها، تتعب وتسهر من أجل راحتنا. أما المربيه أكانت (خادمه أو حاضنة، خالة أو
زوجة أب، عمة أو جدّة)، فهي وإن أحبّت هذا الطفل وأحاطته بالرعاية الكاملة، سيعلم
يومًا بأمه التي أنجبته مهما أبعدتها عنه الظروف، وستنتصر عليه عاطفته نحوها،
مبررًا غيابها، مقدّرًا ظروفها، قائلاً بثقةٍ: "إنها أمي".
· وأصافت نبيلة
الحاج: أنّ الأم هي التي تلد، لأنه لا يمكن تنقطع عن
تربية مولودها إلا في ظروفٍ قاهرة، ورغم تواجد تلك الظروف،
لا تتجرد من عاطفتها وأمومتها التي استحقتها بمنة الله عز وجلّ. ولا ننكر فضل الكثيرات من
النساء
(لا الكل) اللواتي لعبن دور الأمومة في تربية أطفال أبعدتهم الظروف
كليًا عن أمهاتهم، فأتقنّّ أدوارهنّ ونجحن فيها، فكان لهنّ التقدير من الولد
والأجر والثواب من الله تعالى.
·
أما
أحلام قبيسي
فأكّدت أن الأصل في الأمومة هو الولادة طبعًا، إلاّ
أنني أعترف بأمومة وفضل الأم المربية، في غياب الأم الوالدة، وأُجّل دورها
في منح الثقة والحب لمن ليس بطفلها، وقد يكون أقرب لها من أمه ليس لبعد الأم بل
لطريقة التعاطي والتعامل معه، فأحيانًا يعيش الطفل في كنف مربية صالحة قد تكون
قريبة رحم أو زوجة أب، لكن لا يؤثر ذلك على علاقته بأمه الوالدة لمواكبتها له (أي
الأم الحقيقية)، بكل أمور حياته واشتراكها بتربيته وتعليمه وتوجيهه عن طريق
تواصلها الدائم معه، لكن في حالة انقطاعها وعدم تواصلها بالتأكيد ستكون الأم
المربية هي الأولى بالأمومة (حين تحسن التربية)، وطبعًا سيعتبرها كذلك رغم ارتباطه
بوالدته.
·
كما أوضح خليل بيضون رأيه مستشهدًا بقول:
اﻷم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب اﻷعراق
وإذا ما انطلقنا من بناء اﻷسرة ودور
اﻷم في تكوينها دون الانتقاص من دور اﻷب، نرى أنّ الحب والحنان والتضحية من اﻷم، دون
مقابل ما يؤهلها أن تكون الجنة تحت أقدامها...
يكفينا شرف قول الرسول (ص):
"فاطمة الزهراء أم أبيها".
مع تقديرنا لدور اﻷب وما يضطلع به
من مسؤوليات... ﻻ يستطيع أن يجعل إبنه رجلاً من خلال الدور والنصيب الأكبر له،
فيكون دور الأم أكبر في بنائه...
والتشويه الحاصل في حاضرنا لدور اﻷم
من خلال إيجاد دور ثانوي لها بدﻻً من دورها الأصيل بإشراك العاملات الأجنبيات وتحميلهن
أدوارًا ﻻ يمكن أن يقمن بدور من أنجبت وأرضعت من مذوب القلب.
فالحنان والحب والتضحية ﻻ تقدمهم إﻻ
الأم الوالدة وليس البديلة... فأحيانًا تضطر
اﻵم لمعاقبة ولدها، لكن سرعان ما تصفح عنه وتأخذه في أحضانها... لذا يستحيل
الاعتماد على أي مربية أو خادمة لتقوم مقام اﻷم في تنشئة اﻷبناء وتربيتهم..
· واختتم الأب المربي أمين ناصر:
الأم التي تلد تكون هي الوالدة
فقط في أوراق الولد الثبوتية، حين تترك أولادها لأسبابٍ
معينة، ويتغير سكنها بسبب الانفصال (حيث يكون عدم السكن في بيت الأب أمر طبيعي)،
ولا تحاول تعويضهم عن ذلك بالسؤال والتردد عليهم بين الحين والآخر، ومشاركتهم
أفراحهم ومشاكلهم، طفولتهم وشبابهم، ففي هذه الحالة تكون الأم بنظري هي من تلعب
هذا الدور البارز في مرحلة ما بين الطفولة والشباب، وغالبًا ما تكون الجدة، أو
زوجة الأب، وأحيانًا تنحصر مهمة التربية والمواكبة في الأب الذي يكون ملزمًا
بتقديم الرقة والحنان مكان الأم، وفرض الهيبة الرجولية مجبولة بالعاطفة الأبوية
لسدّ هذا الفراغ العاطفي، وغرس مباديء الثقة والقوة في نفوس أولاده.
لا يستطيع احد ان يفي الام دورها في المجتمع منذ الولادة وحتى الوفاة..حتى ان النبي(ص) عندما سئل من احق بصحبتي اجاب ثلاث مرات امك..وفسرت ان الام تميزت بثلاث لم يتميز بها الاب ، الاولى ان الام هي التي حملت والثانية ان الام هي التي وضعت والثالثة انها ارضعت ..مع ما يرافق الحمل والولادة من صعوبات وحالات عديدة تفقد الام حياتها..
اضافة الى قول النبي (ص) الجنة تحت اقدام الامهات ، فالمقصود ان ارضاء الام والاحسان الى الوالدين لهما مرتبة عند الله تعالى ويكونا سببا بدخول الانسان الجنة .. حيث قال تعالى في القرآن الكريم : وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ..حيث اتى ارضاء الوالدين مباشرة بعد عبادة الله ، وارضاء الوالدين ليس ماديا ولكن معنويا ونفسيا وصلة للارحام..
اشكر مريم على الموضوعية في كتاباتها وعلى السلاسة في التعبير واشعر عند قراءة عباراتها بتذوق الكلمة دون ملل..
ادامك الله وجعلك درعا ميتنا لمنبر الكلمة عامة وللمراءة ولمشاعرها الإنسانية اللامتناهية خصوصا ...
" يتعين على الأم أن تدرك أن رعاية الأطفال لا تعني التواجد بينهم والجلوس معهم فقط، وإلا تحول دورها إلى مجرد جليسة للأطفال"
أبداً ما
كان لرجل ولد بلا أم
وكان لأم ولد بلا رجل،
الأمومة ؛ ولادة وإحتضان ودوام ، بكل ما للمعنى من كلام
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.