قصة مؤثرة
الأم المثالية
واقعية منقولة
هي امرأة في الخمسين من عمرها، يراها
الناس كل صباح تأخذ أولادها الصغار فتوصلهم عند باب المدرسة، تطمئن لوصولهم بأمان وتعود
إلى البيت بكل احترام وتقدير ممن يراها. وآخر اليوم الدراسي تذهب لتنتظرهم عند أول
الشارع المؤدي إلى المدرسة، لأنهم يعودون بالباص وتكون هي في انتظارهم قبل موعد
الباص بساعة أو أكثر.
كانت تهتم بهم اهتمامًا غير عادي من حيث
الملبس والمظهر واستذكار الدروس وكل ما يتعلق بتربيتهم. كانت تذهب إلى المدرسة
لتطمئنَّ عنهم من خلال معلميهم ومربيهم. وتنتظرهم أمام باب الفصل بالساعة أو على
مدى طول الحصة حتى يخرج المدرّس وتسأله عن مستواهم ودرجاتهم في التحصيل الدراسي، تغضب
غضبًا شديدًا حينما يكون أحدهم قد نقص معدله درجة أو نصف درجة في امتحاناته.
وذات يوم سأل مدير المدرسة، من تكون
تلك الأم التي تجلس أمام الصف كل يوم؟ حيث كان يراها من شباك مكتبه باستمرار، جالسةً
على الكرسي الخشبي، ما أثار عاطفة العامل ذات يوم حين رآها منحنية الرأسِ، كأنّها
والكرسي قطعةً واحدةً لا تتحرك. فأحضر لها كرسيًا مريحًا بعضَ الشيء قياسًا بذلك
الكرسي الخشبي. فشكرته بصوت خافت.
أيامٌ مرّت، وجاء يوم الأم المثالية
فقرّر المدير منحَ جائزة الأم المثالية لتلك المرأة التي تأتي كلّ يومٍ تنتظر أطفالها
وتسأل عن مستواهم. فأوفد إليها الأخصائي
الاجتماعي ليخبرها. ذهب الأخير إليها ملقيًا التحية، قائلاً لها: "إنّ إدارة
المدرسة قرّرت منحَكِ جائزةَ الأم المثالية لهذا العام سيدتي".
التفتت إليه باستغرابٍ وقالت: أنا؟ قال: نعم أنت التي تستحقينها.
ردّت بصوتٍ مليءٍ بالأسى والحزن:
"ولكني يا بُنَيْ لستُ أمًا حتى أستحقَّ هذة الجائزة". نظر إليها الأخصائي
قائلاً بدهشة: كيف وأنتِ كلّ يومٍ تأتين وتذهبين مرافقةً لأبنائك. أجابت والدمع
ينزل من عينيها أنا امرأة عاقر تزوجت برجلٍ أرمل بعد وفاةِ زوجته التي هي أم هؤلاء
الأولاد. فأخذت عهدًا على نفسي أن أكون أمًا لهؤلاء الأيتام بكل ما تحمل الكلمة من
معنى. وأحببتهم حبًا جمّا، وأحبوني، وهم ينادونني: "أمي". ولم استطع
البعد عنهم فهم كل حياتي وعمرى وهم جوارحي وأعيش في هذة الدنيا من أجلهم، ولا أطيق
البيت في غيابهم. لذلك أنتظرهم وأعدّ الساعات حتى يعودوا إلى البيت. لذا يا بُنَيّ
أنا لا أستحق الجائزة... لأني لست أمًا.
تأثّر الأخصائي من كلامها، وعاد مهرولاً
إلى مكتب المدير، أخبره القصة المؤثرة، ومن جانبه، أصرّ المدير على اختياره وحمل
الجائزة بنفسه متّجهًا إليها، ليقدّمها لها بنفسه قائلاً: سيدتي بل أنت من تستحق
تلك الجائزة لأنك أمٌ مثاليةٌ فعلاً.
كما أنّ الأم هي التي تلد، كذلك من
تربي تكون أمًا أيضًا حين تحسن التربية.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.